لا ترسم تحولات المشهد السوري، مستقبلا سياسيا جديدا فحسب، بل تعد بمشهد ثقافي يؤمل بأن يكون مختلفا جذريا عما ظل سائدا طوال أكثر من نصف قرن، في ظل النظام القمعي، الذي قيد الحريات، وكمّ الأفواه، وطارد المثقفين، ومنع الكتب، فخنق الإبداع والقائمين عليه.
تستطلع “المجلة” في هذا التقرير الموسع، كيف ينظر مثقفون ومبدعون سوريون إلى أفق هذه التغيرات، وما آمالهم ومخاوفهم تجاه مستقبل بلادهم
مساهمة فواز حداد
يرى الروائي فواز حداد أن هذه المرحلة الجديدة تفرض أولويات على جميع المستويات، بما في ذلك على الساحة الثقافية. يقول لـ”المجلة”: “الأولوية هي الحفاظ على هذا الانتصار الذي يعيد إلينا كسوريين ما افتقدناه طوال عقود، لذلك ينبغي عدم التفريط به، هذا هو المفترض والمأمول. الفشل يعني ذهابنا إلى الفوضى، وربما إلى حرب أهلية، مع نصف قرن آخر من الموت والخراب. إن الإحساس بالمسؤولية، يفضي إلى طرح مسائل ضرورية ومواجهتها بشجاعة، وعدم إضاعة الوقت الثمين، بالتشبث بنماذج موجودة في مخيلاتنا، وإنما التعرف إلى الواقع، لا يمكن استبعاد أننا شعوب متدينة. عندما استخدم الأسدان القمع لتطويع الشعب، وضع رجال الدين تحت سطوته، إلى حد انعكاسه على تحلل الدين وتطرفه. إذن، مسألة العلمانية ضرورية ليس بنسختها المتشددة، وذلك بعدم استعارة فوبيا الإسلام، الذي وجدت فيه الدول الديكتاتورية غايتها في مطاردة مجموعات من البشر واستئصالهم”.
وحول توقعاته للمرحلة المقبلة يقول حداد: “ليس الأدباء السوريون خارج العالم، إنهم في قلبه، أتاحه لهم الفضاء الإلكتروني، ما يلزمهم هو الحرية، حسنا سيتعرفون الى الحرية، بعد حرمان طويل، وهم لا تنقصهم الثقافة ولا الجرأة ولا البلاغة في التعبير عن أنفسهم ومجتمعاتهم وما يرفضونه أو يرغبون فيه.
أمامهم قضايا كثيرة، أهمها مواجهة واقع من الخراب، لن يعجزوا عن رفع سقف حرياتهم، سيكتشفونها ويتعاملون معها. لا أدب حقيقيا من دون حرية. أما الإبداع، فليسوا قاصرين عنه، سينطلقون في مجاهله. المفترض ألا يكونوا أسرى الممنوع ولا المحظور ولا الخطوط الحمراء، الرقيب الداخلي انتهى، وسيف الرقابة غير مسلط عليهم، لكن ليس من دون حرية مسؤولة، نعم حرية مسؤولة، وليس تمييعها وتسيبها، وحدها ستأخذهم إلى النظر من جديد إلى الحياة. أؤمن بسوريا وأؤمن بالسوريين، وأؤمن بفاعلية الأدب والفن في استعادة ثقافة حقيقية.