يستطيع أيُّ شخص أن ينشر تحت اسم مستعار، فيديو أو خطاباً يدعو إلى الكراهية، لا سيما أنَّ العالم موبوء بأسبابها. المثال الأبرز في العقدَين الأخيرَين الدعوةُ إلى كراهية الإسلام بالتحريض ضدّه في فضاء مُتخَم بالجهل، فالاتهامات ضدّه باتت قابلة للتصديق، حتى أن مسلمين أخذوا يشاركون فيه بحماسة، على أساس أنهم الأدرى بخطايا دينهم وجرائمه، وأعلنوا عن إلحادهم اعتقاداً منهم أنهم بذلك ينتسبون إلى عالم مسالم ومتقدّم ينبذ الأديانَ كافّةً. لكن لمعلوماتهم، وهذا ما سوف يصدمهم، العالم لم يتخلَّ عن الدين، ولا عن الحروب، أو تجارة بيع السلاح.

يتذرّع مسيحيّو العالم، ومعهم اليهود، بإنسانية أديانهم، ويحاولون إنكار ما ارتُكب من مذابح في خلافاتهم الكهنوتية، تحت غطاء أديانهم نفسها، كما يحدث مع الإسلام اليوم، ويمكن أن تُستعاد مذابحهم، فالغرب ليس محصّناً، ولا يخلو من مجانين، يرتكبون أشنع الجرائم، ويقتتلون على أمور قد تبدو عظيمة، بينما هي سخيفة.

” يريد الإرهاب المتأسلم استجرار المسلمين إلى مواقفه”

نشَر الإرهاب المتأسلم مناخاً عالمياً من الرعب بعد عمليات همجية، سقط قتلى من جرّائها لا على التعيين أبرياء أو غير أبرياء. عموماً، لا يمكن تبرير القتل بأي حال من الأحوال، وهو قول شائع، بات من فرط التذرُّع به، بلا معنى. خاصّةً أنَّ الجرائم المرتكبة، لا تزيدها الوحشية هولاً فقط، بل وتجعل الإسلام يبدو وكأنه يشنّ حرباً عمياء غير مفهومة ضد البشرية جمعاء، ويضع العالم أمام تحدٍّ إرهابي يقول: نحن نكرهكم، وسوف نقتلكم، ولو كنتم أبرياء ومسالمين.

يريد الإرهاب المتأسلم استجرار المسلمين إلى مواقفه، ويسعى إلى تجنيدهم في صفوفه تحت راية الإسلام، وإذا كان قد نجح فبشكل محدود جدّاً، فالغالبية العظمى والساحقة من المسلمين ضدّ الإرهاب، وإذا كان ضحاياه من الأجانب لا يزيدون عن أفراد، فضحاياه من المسلمين بالآلاف.

تُسهل وسائل التواصل الاجتماعي انتشار خطاب الكراهية بسرعة خارقة، بحيث يجوب العالم خلال لحظات، ولا يمكن لـ”غوغل” أو غيره منعه، ولو كان يطاول الأديان الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية، باعتبارها حسب القانون المعتمد “مجموعة أفكار”، لا تتناول المؤمنين بها بشكل مباشر، وإن كانت في النهاية ترتدّ عليهم، بإيذاء مشاعرهم.

تستغل حكومات الغرب وسياسيّوه الإرهاب، ويستثمرونه في الدعاية لمواقف متطرّفة، ينساق إليها العالم الغافل، ويتلقّفها دعاة مهووسون، يجنّدون أحقادهم ضد الإسلام، بموجب حرية التعبير. فلا يستبعد ظهور داعية موتور، يستثيره قس جاهل، ثم لا يعدم الداعية من يشدّ أزره، من زعيم، أو مرجع ديني، أو سياسي شعبوي، ويرصد مبلغاً كبيراً لقتل الأحمق الذي أَلصق بالإسلام خلاعات وأعمالاً ماجنة؛ تودي إلى احتجاجات ومظاهرات وشغب وقتلى، لو أخذت مداها لحصدنا حرباً بين الأديان.

إذا كان ثمّة حرب، فقد أثارها مجانين وحمقى وممسوسون، ورّطوا فيها العقلاء، وشارك فيها مستشارون أذكياء، وضعوا خططاً رشيدة للحصول على فوائدها، قد يكون البترول أو الذهب أو قواعد عسكرية. أما الضحايا، فليسوا معتوهي الكراهية، بل المتديّنون الأبرياء الذين هبّوا للدفاع عن دينهم.

هذا السيناريو، ليس خيالياً، تكرَّر أكثر من مرّة، وإن لم يصل إلى نهاياته. وهذا هو العالم يتّجه نحوه بخطى حثيثة بين فترة وأخرى، تحت قيادة زعماء يتاجرون بكل شيء، خصوصاً الموت.

اقــرأ أيضاً