من الرواية
“… سيشرح لها تلك المعجزة التي لا تنازل عنها، معجزة صنعتها انقلابات تتالت، كلفت مؤامرات واغتيالات وإعدامات وحروبًا وتحالفات ومجازر ومساومات وتضحيات وخيانات وسجونًا لا يخرج منها سوى الأموات أو الذين في النزع الأخير… هكذا وُلد النظام المعجزة. لن يزول، ولن يُضحى به. هذه الحرب لم تكن إلا ليترسخ، الرئيس الخالد أعده كي يستمر إلى الأبد.

لكن ماذا عن…؟.
لن يستمر إلا برحيله.
نحن نبني نظامًا جديدًا في العالم، نقدم مثالًا لا نظير له، ليس جمهوريًّا ولا ملكيًّا، لا رأسماليًّا ولا اشتراكيًّا. إذا كان سيشرّش في كوكبنا فلأنه يرنو إلى عالم نهائي، رؤساء الدول يرغبون في نسج صنو لنظامنا، ويتمنون اعتماد الوراثة حلًا لمهزلة الديمقراطية والانتخابات وتداول السلطة. هذا نزوع دفين لديهم، آن ظهوره، سيسترشدون بنا. نحن التجربة الفريدة للأنظمة التي ستتحكم بالعالم، تواطأوا على أن يدعوا بلدنا في أتون الاختبار، إن نجحنا، سيقتدون بنا. عندما تنفرط الديمقراطية في دولة كبرى، ستتساقط باقي الدول كما أحجار الدومينو.

أمعنتِ النظر إليه، أحسّت بالخوف من عينيه المحدقتين إليها، لم يكن يراها، كان يرى ما يتراءى له، ماذا كان؟ لم تصدق عينيها، على وجهه، تلمحت المرشح لقيادة الحركة التصحيحية، طمأنها:

النظام باقٍ، النظام أبدي. تمتم مؤكدًا”.
“عندما كانت المظاهرات تهدر في الشوارع، تورطت علاقاتهم العاطفية بعد تفاقم الاحتجاجات بالانقسام السياسي بين المعارضة والموالاة، وأسوأ ما حدث، أن يعشق أديب معارض، أديبة موالية وبالعكس، فاتخذ النقاش طابع الوداد والتشنج، واكتسى الغرام بالنكد والمكايدة، ما أدى إلى خصام تخللته مساومات على الانتقال من خندق إلى خندق، لم يكن إلا مغادرة طاولة معارضة إلى طاولة موالية، أو بالعكس.

بداية، أجمع الأدباء على تأييد المظاهرات في أحاديثهم، انسجامًا مع تقدميتهم التي أملت عليهم هذا الموقف، فهم ضد الدولة مهما فعلت، وإلا كانوا رجعيين وأذنابًا للسلطة، فالنظام بدا على وشك السقوط. بعد بضعة أشهر، بدا النظام ثابتًا لا يتزعزع، يقصف المدن والأرياف، بعدما أنجده الإيرانيون بالمليشيات، وفيما بعد الروس بالفيتوات في مجلس الأمن”.

فواز حداد
فواز حداد كاتب سوري من مواليد دمشق سنة 1947، حائز على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق. كتب القصة القصيرة والمسرح والرواية، لكنه لم ينشر أياً منها حتى سنة 1991. شارك كمُحكِّم في مسابقة حنا مينه للرواية، ومسابقة المزرعة للرواية في السويداء. كذلك في الإعداد لموسوعة “رواية اسمها سورية”.

نشرت مجموعته القصصية الوحيدة، وهي “الرسالة الأخيرة”، في العام 1994، وأول رواية “موزاييك، دمشق 39” في العام 1991، ومنذ ذلك الحين توالت أعماله خصوصًا في الرواية، وآخرها الذي صدر في العام 2021 بعنوان “يوم الحساب”.

رُشِّح عن رواية “المترجم الخائن” للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر) ضمن القائمة القصيرة لعام 2009، ورُشِّحت روايته “جنود الله” لجائزة البوكر ضمن القائمة الطويلة لعام 2010، وترجمت إلى الألمانية تحت عنوان “سماء الله الدامية” عن دار نشر أوفباو. ورُشِّح أيضاً لجائزة روكرت الألمانية لعام 2013 عن الرواية نفسها.

وُصف حداد بأنه “من أبرز الروائيين السوريين القلائل الذين واكبوا الثورة السورية، واستقصوا في تفاصيلها وأسبابها ونتائجها، معبرًا عن تضامنه المطلق معها”.

أعمال حداد
موزاييك دمشق 39 رواية، ط1 عام1991 عن دار الأهالي، ط2 عن دار التكوين عام 2007.
تياترو 1949: رواية، ط1 عام 1994 إصدار خاص، ط2 عن دار التكوين عام 2007. حُوِّلت إلى عمل مسرحي عُرض في دمشق.
صورة الروائي- رواية، ط1 عن دار عطية 1998، ط2 عن دار التكوين 2007.
الولد الجاهل- رواية، ط1 عن دار الكنوز الأدبية عام2000، ط2 عن دار التكوين عام 2007.
الضغينة والهوى- رواية، ط1 عن دار كنعان عام2001، ط2 2004، طبعة جديدة عن دار رياض الريس عام 2010. حُوِّلت إلى مسلسل تلفزيوني بعنوان “الدوامة”.
مرسال الغرام- رواية، عن دار رياض الريس عام 2004.
مشهد عابر- رواية، عن دار رياض الريس عام 2007.
المترجم الخائن- رواية، عن دار رياض الريس عام 2008.
عزف منفرد على البيانو- رواية، عن دار رياض الريس عام 2009.
جنود الله- رواية، عن دار رياض الريس عام 2010.
خطوط النار- رواية، عن دار رياض الريس عام 2011.
السوريون الأعداء- رواية، عن دار رياض الريس عام 2014.
مجموعة قصص قصيرة تحت عنوان “الرسالة الأخيرة”، 1994.
الشاعر وجامع الهوامش- رواية، عن دار رياض الريس عام 2017.
تفسير اللاشيء- رواية، دار رياض الريس، بيروت 2020.
يوم الحساب- رواية، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2021.