هل يصحّ التمييز في الكتابة بين نص ذكوري وآخر أنثوي؟ طرح هذا السؤال منذ عقود، وتجاوزه الزمن وأصبح بالياً، بعد الاتفاق على أنه لا أدب نسائي ولا أدب ذكوري، الأدب لا جنس له إلا جنسه، بصرف النظر عمن يكتبه، وإن حمل بصمته.

حسب المتوقع، أصبحت المرأة في مجال الأدب هي الأقدر على التعبير عن إشكالاتها وشخصياتها المتعددة وطموحاتها وما ترنو إليه من تغيير، كذلك العمل على احتلال مكانتها الحقة في مجتمع دائم التغيير أيضاً، دون فقدان أنوثتها، وهي مادة للتميز، وإن وضعت موضع الشك لدى المتزمتات منهن. فالرجل لم يعد ملزماً بها، ولا متطوعاً للتعبير عنها، أو الموكل بحمايتها، بالتالي لن تعمل تحت إرشاداته. أصبحت المرأة مستقلة في التعبير عن نفسها.

ترصد الروائية الفرنسية كوليت تطفّل الرجل على المرأة بسخرية: “كيف عساه يدرك أناي وأنا عاجزة عن إدراكها؟!” وفي هذا حقيقة لا شك فيها.

استطاعت المرأة في مجالات الحياة العملية، الوقوف على قدم المساواة إلى جانب الرجل، وإن لم يكن مناصفة بعد. وحتى في القسوة، فقد برهنت مارغريت تاتشر رئيس وزراء بريطانيا السابقة عن مضاهاته، ولقبت بالمرأة الحديدية، وكانت في مزاولتها لشؤون الدولة متشددة وأكثر حديدية مما أظهره وزراء رجال سابقون في الحروب والأزمات الاقتصادية الكبرى. وبالإشارة إلى أزمة جزر الفوكلاند، لم تقِلّ عنهم إن لم تفقهم بما أظهرته من تشبّث ببقايا مستعمرات الامبراطورية البريطانية.

شاء هذا المقال أن يكون عن الأدب، لكن الأحداث الحاضرة تنحو به إلى الواقع الذي يصدمنا يومياً. فالمرأة تأخذ مكانة لا تتميّز عن الرجل في النجاحات والإخفاقات، وأيضا الأخطاء والخطايا، لم يعد يحلّ محلها، تحمل السلاح مثله وتخوض المعارك نفسها على جبهات النار.

لا يطلب من المرأة أن تكون النقيض المثالي للرجل. كان المطمح في تميزها أن تضفي على معترك الحياة نظرة الطرف المُغيّب والمراقب لما كان يجري، ولديها فكرة ما عن تصحيحه، ما يحمل طابع روحها المتفردة عن الرجل الذي لم يستطع الخروج عن الإطار الذي وضع نفسه فيه، وهو إطار يغلب عليه الشر، فالحروب ما زالت حتى الآن صناعة ذكورية.

المؤسف، أن حالة الحرب في سورية تدور بين إخوة في الوطن الواحد، حيث المرأة تنافس الرجل في إثبات أنها لا تقل عنه صلابة وقسوة، مؤكدة مساواتها معه، فشاطرته مؤخراً القتل.

وباتت في الميليشيات الصاعدة تلعب دوراً يتوفر فيه الإجرام واللامبالاة: قتل رجل أو امرأة أو طفل دونما تعيين، سوى ظهور أحدهم في الزمن الخطأ والمكان الخطأ لتأمين حاجة ماسة قد تكون الخبز أو الحليب، فإذا برصاصة ترديه قتيلاً… من امرأة أو فتاة قناصة، توصف عادة بواهبة الحياة، فإذا هي واهبة الموت.