صدرت حديثا رواية «جمهورية الظلام» للروائي السوري فواز حداد عن دار رياض الريس للكتب والنشر – بيروت. تعبر الرواية إلى عوالم تهيمن عليها كوميديا سوداء، تبسط ظلالها على الحرب والمجازر والأقبية والتشبيح، ومطابخ الشر الطليق في القصر الجمهوري والأجهزة الأمنية، والنظام، تلك المعجزة التي صنعتها انقلابات تتالت، كلفت مؤامرات واغتيالات وإعدامات وحروبا وتحالفات ومجازر ومساومات وتضحيات وخيانات وسجونا لا يخرج منها سوى الأموات أو الذين في النزع الأخير. «نظام لن يزول، ولن يُضحى به. هذه الحرب لم تكن إلا ليترسخ، الرئيس الخالد أعده كي يستمر إلى الأبد». تطرح الرواية المسألة الأخلاقية في نظام بلا أخلاق، وتغوص في المجتمع المثالي، والثقافة في زمن المقاومة والممانعة. وتشهد عودة التاريخ، وتوظيفه في التعذيب والقتل.. تتصدى لها رومانسية تخترق الخطوط الحمر. رواية لا تخون الرواية.
من الرواية:
كان الشاعر سعدي، بحكم صِلاته الأمنية، لا يتقدم خطوة في التخبير إلا بعد الاطمئنان على الأوضاع في الجبهات؛ عمومًا لم تكن سيئة؛ ما دام الجيش متماسكًا، والانشقاقات الفردية والجماعية للضباط والجنود لا تؤثر في صموده. كذلك أخبار القوة الضاربة للشبيحة، وكان شديد الاعجاب بهم، إن لم يقتلوا، يعفّشوا ما يجدونه في طريقهم. فواصل نشاطاته الاستخباراتية، وكانت مرهقة بسبب تعامل الأدباء بالمصطلحات آنفة الذكر. فمثلًا، إذا سمع بالعهر الليبرالي، لا يدري إن كانت الليبرالية شيئًا جيدًا أو سيئًا، أو كان العهر يضيف إليها أو يُنقص منها، وفي ما إذا كانت بصيغتها المركبة، محمودة أو مستنكرة، وهل هي مدانة أم لا، أخيرًا وليس آخرًا، هل تستحق التخبير عنها؟ وإذا كانت قد استغلقت عليه، فلأنه كان حديث عهد بالأدب، فقد أصبح شاعرًا على كبر، حتى إنه عندما سأل عنها، أحالوه على عشرات الكتب، فنفر من الثقافة، فهو لم يعمل في المخابرات ليعود إلى قاعات الدرس والمطالعة.
من أبرز الأعمال الروائية لفواز حداد: «موزاييك دمشق 39 – تياترو 1949- صورة الروائي ـ الولد الجاهل – الضغينة والهوى – مرسال الغرام – مشهد عابر – المترجم الخائن – عزف منفرد على البيانو – جنود الله – خطوط النار – السوريون الأعداء – الشاعر وجامع الهوامش – تفسير اللاشيء – يوم الحساب». الرسالة الأخيرة مجموعة قصص، لقد مررت من هذا العصر. كتاب في التجربة الروائية.
-
المصدر :
- القدس العربي