في زمن لم يرحل بعد، كانت آليات السوق تختصر بجملة “شباك التذاكر عايز كده”، كما يوضح الروائي السوري، فواز حداد، بحيث ما زالت هذه الآليات فاعلة ومؤثرة، والدليل هذه الأعمال الرديئة في السينما والأدب التي تمنح “استراحة للعقل، ريثما يغيب عن الواقع. المطلوب ألا نرى الواقع إلا من خلال سلطات تطمئن إلى أنّ كل شيء على ما يرام، والاطمئنان إلى الصمت، الصمت الشامل”.تطورت آليات السوق وتمددت في مناحي حياتنا كافة، بفضل الأيديولوجيات المغلقة، وانحدار السياسة إلى الحضيض، وتحولاتها الكارثية، التي تقوم عليها أنظمة لا تهتم سوى ببقائها. لا ضحية سوى الإبداع. الإبداع المحاصر بالجهل. فالتجارة وما تدره الركاكة، عوامل خارجة عن طبيعة إبداع لا ينمو ولا يثمر إلا في مناخ يحقق له حداً أدنى من الحريات. الإبداع هو الحقيقة الوحيدة لإنقاذ عالمنا، إنّه الكاشف لقدرات المجتمع، يسعى إلى إيقاظه لا إلى تخديره، وذلك على الضد من أنظمة تعمل على إغراقه في التفاهة، لأنّ التفاهة مسلية، ومضادة للملل، تحت عنوان أنّ أيّ عمل لا يمنح المتعة لا يجلب المال، وكأن ما تأتي به التجارة من أرباح هو الفيصل في ثقافة تصنعها الإعلانات وبرامج الثرثرة، وادعاءات النجاح في مهرجانات المجاملة والرياء.
آليات السوق طاردة للإبداع، فالهدف هو المتعة، لكن أيّ متعة؟ من قال إنّ الحقيقة غير ممتعة، ومن قال إنّ الأعمال الرائعة لا تهبنا نشوة المعرفة؟ تسخيف كل شيء يعني ألا قيمة لشيء، صروح الاستبداد تشيد فوق حطام الأدب والفن، فلا يجب أن نمنحها هذه الفرصة”.